من المسلم به ان علم السيكولوجيا الايجابي (علم النفس الايجابي) يتعامل بتغاضي المشاكل واهمال المشاعر السلبية بل بتحسين النظرة الى الامور وايجاد جانب مشرق في كل ظرف يصادفنا. فالسيكولوجيا الايجابية تعطي بدائل وطرق مبتكرة للتعامل مع المشاعر السلبية حتى تجعلها مفيدة. طبعا، لا يرغب احد ان يكون حزينا، لكن من غير الطبيعي ايضا ان لا تشعر ابدا بالانزعاج او الغضب او الحزن. فالحياة تجلب في طياتها الكثير من المواقف الحزينة والمزعجة. وخلصت ابحاث العالم دانيل كاهنمان الذي فاز بجائزة نوبل، إلى ان مزاج الفرد وما يشعر به (سواء مشاعر سلبية او ايجابية) له تأثير مباشر في الذاكرة وفي الاحكام والآراء.
وعلق بروفيسور الطب النفسي جو فورجاس، قائلا: «تركز الابحاث والمقالات على ايجاد طرق للتغلب على الحزن حتى نتحرر منه ونتمكن من اتخاذ قرارات صحيحة والنظر الى الحياة بشكل افضل. لكن لمَ لا ننظر الى الجانب المفيد من الحزن. فهناك دلائل علمية تؤكد امكان استغلال فترات الحزن لمصلحتك».
جوانب مفيدة
الحزن مفيد من عدة جوانب، ومنها:
*يزيد الانتباه
قيم بحث جودة الذاكرة والانتباه من خلال سؤال المتسوقين في محلات الهدايا عن الاشياء التي يمكنهم تذكرها. وللتأكد من مزاج المتطوعين، تم تكرار التجربة خلال 7 ايام مشمسة واثناء سماع المتسوقين موسيقي مبهجة وممتعة، ثم خلال 7 ايام مظلمة وسماعهم موسيقى كئيبة وحزينة. واكتشف الباحث ان تغير مزاج الشخص يؤثر في دقة الانتباه وقدرته على تذكر البضائع. وقد تغلب الحزن على السعادة في هذا الجانب. فرغم اشارة المتسوقين الى شعورهم بالإحباط والاكتئاب اثناء الايام الكئيبة، فإنهم تمكنوا من تذكر ما يوجد على ارفف المحل بشكل اكثر دقة مقارنة بمن شعروا بالرضا والبهجة. وهذا الانتباه الزائد قد يكون ردة فعل نفسيه تزيد من حذر الحزين وتحفظه من ارتكاب الاخطاء.
*يزيد قوة الاقناع
في بحث آخر جرى تقييم قوة وفعالية الاقناع لدى ازواج سعداء واخرين تعساء (او على الاقل محبطين) اثناء مناقشتهم لأمر معين. وجرى بعدها تقييم درجة اقناع كل منهما، ليكتشف ان التعساء والحزينين كانوا اكثر دقة وابتكارا وقوة في الاقناع، كما استخدموا الافكار بصور اكثر تسلسلا. واقترحت الدراسة فائدة الانتباه الى المعلومات التي يذكرها الاشخاص اثناء فترة الحزن او الحداد لأنها تمثل مصدر معلومات دقيقاً واكثر تحليلا. كما على الشخص ان يستغل وقت الحزن كأنسب وقت لإقناع الاخرين بما يريده.
*يحسِّن الاتصال مع أشخاص جدد
ماذا تفعل عندما تلتقي بأشخاص جدد او تنضم الى عمل جديد؟ يشعر الكثير بالانزعاج والحزن والكآبة قليلا، لعدم تمكنه من التواصل مع الاخرين او الحصول على القبول. وتقترح ابحاث فورجاس ان هذا الحزن يجعل الشخص اكثر اقناعا وانتباها ويقظة واهتماما بالمعلومات التي يقولها الاشخاص في المجموعة. واذا تمكن الشخص من استغلال هذا الصفات، سيسهل عليه التعرف والتواصل مع الاخرين وتكوين صداقات جديدة وحتى مساعدة الاخرين على التأقلم في مجموعات جديدة.
**الخلاصة
الحزن قد يسبب تعاستك لفترة، لكنه لن يوقف حياتك بل قد يكون مفيدا لتقوية شخصيتك وطرق تعاملك مع صعوبات الحياة وتحدياتها. فيمكنك ان تتكيف مع الحزن وتستفيد منه ايضا.
from الموسوعة بوك http://www.almos3a.com/2014/12/sadness_30.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق