الذكاء الاصطناعي وتهديد فرص العمل .. تحليل عميق ونتائج مفاجئة

البوابة العربية للأخبار التقنية

هل سيهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل العمل؟

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والاعتماد عليها في شتى المجالات بدأ الكثير يتساءلون عن مدى تأثير هذا التطور على على فرص عملهم مستقبلًا.

لا أحد حتى الآن قادر على أنّ يتنبأ بمدى تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل، ولكن هناك وجهتا نظر حول الموضوع: تقول الأولى إنه مدمر وسيسبب اضطراب في سوق العمل وتوقعوا مستقبلًا أن تتخذ الروبوتات وظائفها من البشر. وهناك وجهة نظر ثانية تقول إن الأتمتة قد تخلق وظائف أكثر من خلال تقديم أدوات جديدة لأصحاب المشاريع، وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى إنشاء خطوط أعمال جديدة لا يمكننا تصورها الآن، ووجهة النظر هذه تؤكدها دراسة حديثة أجرتها شركة Redwood للبرمجيات الخاصة بمشاريع التحول الرقمي، والتي قال المشاركون فيها إنهم يعتقدون أن 60% من الشركات ستكون مؤتمتة خلال السنوات الخمس المقبلة.

في حين تتوقع شركة غارتنر للأبحاث “إنه بحلول عام 2020 سينتج الذكاء الاصطناعي المزيد من الوظائف”. وقد وافق هذا الرأي رأي دينيس مورتنسن الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة x.ai المنتجة للمساعدين الافتراضين باستخدام الذكاء الاصطناعي قائلًا: “إنني أنظر إلى شركتنا اليوم لأرى أن ثلثا الوظائف الموجودة بها اليوم لم تكن موجودة منذ بضع سنوات”.

وبالإضافة إلى خلق وظائف جديدة، سيساعد الذكاء الاصطناعي البشر على أداء وظائفهم بشكل أفضل بكثير، وهذا ما أكده بول داوخرتي رئيس قسم التكنولوجيا والابتكار في شركة Accenture في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، حيث قام بتلخيص مستقبل الأتمتة في عبارة واحدة قائلًا : “إن الإنسان + آلة يساوي قوى عظمى”.

إذًا كيف سيزيد الذكاء الاصطناعي من الوظائف .. إنشاء وظائف جديدة وتحسين الوظائف الموجودة

لأسباب عديدة من المرجح أن تكون وجهة النظر المتفائلة هي الأكثر واقعية، لكن قدرة الذكاء الاصطناعي على تحويل مستقبل العمل أبعد ما تكون محسومة.

دوجيرتي وجيم ويلسون المدير التنفيذي لتقنية المعلومات وبحوث الأعمال في شركة Accenture للأبحاث قاما بالاشتراك في تأليف كتاب بعنوان Human + Machine: Reimagining Work in the Age of AI، الذي حمل وجهة نظرهم في الأمر والتي تقول: “إن الوظائف التقنية والإدارية التي يتطلبها الذكاء الاصطناعي مستقبلًا وحاليًا تَشتمل على فئتين وهما: فئة المدربون، وفئة الشارحون، حيث سيقوم المدربون بتدريس كيف تقوم نظم الذكاء الاصطناعي بتنفيذ ومحاكاة السلوكيات البشرية، وسيقوم الشارحون بإقامة اتصال بين الآلات والمشرفين البشريين من خلال شرح طريقة عمل الخوارزميات المعقدة”.

لقد ظهرت روبوتات الدردشة التفاعلية Chatbots مؤخرًا كقناة اتصال جديدة للعلامات التجارية والمستهلكين، ولا يخفَ على أحد أنها غالبًا ما تقدم ردودًا غير ملائمة، وهنا تظهر فئة المدربين الذين يُعَلِمون خوارزميات الذكاء الاصطناعي كيفية محاكاة السلوكيات البشرية من خلال تطوير معالجات اللغات الطبيعية ونظم الترجمة من أجل تقليل نسبة الأخطاء، ولا شك أن فهم اللغة من أكثر العوامل المطلوبة في ربوتات الدردشة التفاعلية Chatbots، ولكن هناك عامل آخر لا يقل أهمية وهو عامل التعاطف، والدليل على ذلك أن هناك العديد من الشركات الناشئة تحرص على وجود عامل الذكاء العاطفي في التواصل القائم على روبوتات الدردشة التفاعلية.

وقالت يوجينيا كويدا الشريك المؤسس لشركة ريبليكا Replika : “إن روبوتات الدردشة الخاصة بشركتنا التي تفهم العواطف البشرية تعتمد على مدربين بشريين، وأعتقد في المستقبل سيكون مجال معرفة السلوك البشري وعلم النفس أكثر مجالات المعرفة إثارة”، وأضافت “عليك بناء قنوات دردشة بطريقة تجعل الناس سعداء ويريدون تحقيق أهدافهم، وهذا لن يحدث بدون قدر معين من التعاطف”.

بالإضافة إلى ذلك، تستخدم شركات مثل فيسبوك وجوجل البشر من أجل إدارة ومراقبة المحتوى، حيث يعمل في فيسبوك حاليًا حوالي 7500 شخصًا لهذا الغرض، وقالت الشركة الأم لجوجل ألفابت في الآونة الأخيرة إنها تخطط لإشراك 10 آلاف شخص من أجل إدارة ومراقبة المحتوى بموقع يوتيوب.

تَكمن مهمة فئة الشارحين في سد الفجوة بين الأنظمة الجديدة والمديرين البشريين، فعلى سبيل المثال، تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي يجعلها تكتسب الكثير من الغموض، وهذا يسبب قلق لكثير من كبار المديرين التنفيذيين بسبب الطبيعة المعقدة لخوارزميات التعلم الآلي الشبيهة بالصندوق الأسود، خاصة عندما يرجح النظام اتخاذ أفعال تتعارض مع البديهيات، لذلك سوف يحتاجون إلى توضيحات باللغة الإنجليزية خالية من التعقيدات التقنية يقدمها إنسان عادي لتقلل من مخاوفهم.

وأيضًا يعتبر التشريع عاملًا مهمًا يؤثر على مستقبل خوارزميات التعلم الآلي، حيث أصدر الاتحاد الأوروبي لائحة عامة جديدة لحماية البيانات تُسمى “الحق في التفسير” والتي ستدخل حيز التنفيذ هذا العام، وهذا يعني أنه يمكن للمستهلكين التشكيك والاعتراض على أي قرار يتم اتخاذه باستخدام الخوارزميات ويكون له تأثير عليهم، وهنا يأتي دور الشارحين بأداء عمليات تشريح لخوارزميات التعلم الآلي عندما ترتكب الآلات أخطاء، كما سيقومون أيضًا بتشخيص الخطأ والمساعدة في اتخاذ خطوات لتجنب الأخطاء المماثلة في المستقبل.

الذكاء الاصطناعي يَدعم العمال والشركات والصناعات

بدلًا من استبدال العمال بالذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه كأداة لمساعدة الموظفين على العمل بشكل أفضل. على سبيل المثال، يمكن لموظف مركز الاتصال أن يستخدمه من أجل الحصول على معلومات شاملة فورية حول ما يحتاجه المتصل والقيام بعمله بشكل أسرع وأفضل، وهذا ينطبق على معظم الشركات والصناعات أيضًا، وفي مثال آخر في مجال علوم الحياة تستخدم شركة Accenture للأبحاث التعلم العميق والشبكات العصبية لمساعدة الشركات في تقديم الحلول إلى الأسواق بشكل أسرع، وبالإضافة إلى الشركات الموجودة بالفعل يستطيع الذكاء الاصطناعي إنشاء شركات تعمل في مجالات جديدة، مثل الشركات التي تقدم حلول رقمية لرعاية كبار السن والزراعة القائمة على الذكاء الاصطناعي والرصد لمكالمات المبيعات المبني على أساس الذكاء الاصطناعي.

لاحظ دوجيرتي مؤخرًا هناك نقص في 150 ألف من سائقي الشاحنات في الولايات المتحدة في الوقت الحالي، وبناء عليه قال: “نحتاج إلى الأتمتة لتحسين إنتاجية السائقين وأسلوب حياتهم لجذب المزيد من الناس إلى هذه المهنة”.

التغييرات التي يجب أن نقوم بها في الوقت الراهن

من المحتمل أن يستغرق الأمر عشر سنوات حتى تصبح تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي هي المعيار السائد، لأنه حتى الآن يوجد عدد قليل من الشركات التي بدأت تَتبنى تقنيات الذكاء الاصطناعي باتخاذ إجراءات لتدريب عمالها، حيث تشير أبحاث شركة Accenture إلى أن قادة الأعمال لا يعتقدون أن عمالهم مستعدون للذكاء الاصطناعي الآن، ولكن 3% فقط منهم يفكرون في الاستثمار لتدريب عمالهم على هذه التقنيات.

وعلى هامش مؤتمر شركة Accenture في منتدى دافوس العالمي اقترحت فاي فاي لي الأستاذة المشاركة في جامعة ستانفورد ومديرة مختبر الذكاء الاصطناعي “إنه من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي  لإعادة تدريب العاملين”.

وقالت: “أعتقد أن هناك احتمالًا مثيرًا للإعجاب أن يساعدنا التعلم الآلي على التعلم بشكل أكثر كفاءة  وإعادة تأهيل العمال بطرق أكثر فعالية، وأنا شخصياً أود أن أرى المزيد من الاستثمار والتفكير في هذا الجانب”.

هناك أمر آخر لابد من معالجته في عام 2018 وهو عدم وجود تنوع حقيقي في الشركات المنتجة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وكما أشارت لي، فإن هذا النقص في التنوع هو تحيز بحد ذاته”.

وقد أكدت الأبحاث الحديثة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا هذه النقطة حيث قالت الباحثة جوي بولامويني “إنها وجدت أدلة على أن أنظمة التعرف على الوجه تتعرف على الوجوه البيضاء أفضل من الوجوه السوداء. على وجه الخصوص، وجدت الدراسة إنه إذا كانت الصورة لرجل أبيض، فإن الأنظمة تُخمن بشكل صحيح أكثر حيث تصل النسبة إلى 99% أغلب الوقت، ولكن بالنسبة للنساء السود تتراوح النسبة بين 20% إلى 34% وهذه التحيزات لها آثار على استخدام تقنيات التعرف على الوجه خصوصًا في مجالات تنفيذ القانون والإعلان والتوظيف.

وفي النهاية يوضح هذا التقرير ماهية الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن اعتباره قوة غريبة تقدم الكثير من الاضطرابات من تلقاء نفسها، ولكنه في الواقع اختراع بشري يعكس عيوب من قام بابتكاره إضافة إلى جانبه الإنساني .

وقالت كاثي بيسانت رئيسة قسم العمليات والتكنولوجيا في بنك أوف أميريكا في كلمتها خلال منتدى دافوس: “إن تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف هو تمامًا في نطاق سيطرتنا”، فالذكاء الاصطناعي لن يؤثر على مستقبل وظائف البشر، إنما هو طريقة نستخدمها لتطوير فرص العمل في المستقبل.

 

الذكاء الاصطناعي وتهديد فرص العمل .. تحليل عميق ونتائج مفاجئة



from البوابة العربية للأخبار التقنية https://ift.tt/2J2W3p5
via IFTTT

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

جميع الحقوق محفوظة ل الموسوعة الثقافية إقرأ 2021/2014