الصين تحاول سرقة أسرار تكنولوجيا صناعة أشباه الموصلات من تايوان

دبي: البوابة العربية للأخبار التقنية

الصين تحاول سرقة أسرار تكنولوجيا صناعة أشباه الموصلات من تايوان

تهيمن تايوان على سوق صناعة أشباه الموصلات العالمي، وهذا جعلها هدفًا للمحاولات الصينية لسرقة الملكية الفكرية، حيث تحاول الصين سرقة الموظفين وبيانات التصنيع من الشركات التايوانية المتخصصة في هذا المجال لخفض وارداتها الأجنبية من الرقاقات الإلكترونية، واللحاق بركب الشركات العالمية المتطورة تقنياً في مجال تصميم وبناء كافة أنواع الرقاقات الإلكترونية، وذلك وفقًا لتقرير وول ستريت جورنال.

في أواخر عام 2016 تلقى مهندس يُدعى هسو شيه بينج يعمل بشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC -وهى أكبر شركة لتصنيع الرقائق الإلكترونية في العالم- اتصالاً من شركة منافسة صينية يسأله عما إذا كان يرغب في الحصول على وظيفة كمهندس رئيسي للعمل على الرقاقات المستخدمة في الهواتف المحمولة ووحدات التحكم في الألعاب.

وافق هذا المهندس على العرض الذي يتضمن الحصول على خطط التصميم، وعلى مدار أسبوعين قام بتنزيل وطباعة بعض المستندات التي تحوي أسرار شركة TSMC التجارية والتي كان يعتزم إرسالها إلى المنافس الصيني وهي شركة شنغهاي هوالي ميكروإلكترونكس Shanghai Huali Microelectronics المملوكة للدولة.

وقالت المحكمة التايوانية التي نظرت في قضية المهندس هسو شيه بينج إنه اعتُقل في تحقيق أجرته شركة تي إس إم سي TSMC قبل أيام من بدء عمله الجديد، وحكم عليه في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بالسجن لمدة 18 شهراً مع إيقاف التنفيذ بتهمة سرقة أسرار الشركة. ولم تعلق شركة شنغهاي هوالي على الأمر، في حين رفض محامي شركة TSMC التايوانية التعليق على القضية.

الجدير بالذكر أن تايوان تنتج ثلثي أشباه الموصلات في العالم، وتعتبر تايوان محور الحرب السرية في مجال التكنولوجيا الحديثة التي تَقود الاقتصاد العالمي.

يقول مسؤولون حكوميون تايوانيون ومسؤولون تنفيذيون بالشركة إن الصين تتعمد استهداف الشركات التايوانية التي تقوم بتصنيع الرقاقات الخاصة بأكبر الشركات الأمريكية بما في ذلك شركة آبل وإنفيديا وكوالكوم. وأضافوا أن الصين تهدف إلى الضغط على تايوان التي تعتبرها إقليما منشقًا وتسعى لتحقيق هدفها الاستراتيجي الخاص بتقليل اعتمادها على الموردين الأجانب.

وقد زادت حالات سرقة التكنولوجيا لأكثر من الضعف حيث وصلت إلى 21 سرقة العام الماضي بعدما كانت 8 سرقات فقط في عام 2013، وذلك وفقا للبيانات الرسمية. كما أن السلطات والمحامون التايوانيون يقولون إنهم في الغالب لم يتهموا الكيانات الصينية التي هي المستفيد الوحيد، وذلك لأسباب سياسية في كثير من الأحيان، ولأنهم لا يعتقدون أنهم سيكونون قادرين على تنفيذ الأحكام القضائية على الأراضي الصينية.

تقوم الصين بتصنيع معظم الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر في العالم، ولكنها تستورد تقريبًا جميع أشباه الموصلات اللازمة لتوفير المعالجات وشرائح الذاكرة التي تُشغل هذه الأجهزة. ففي العام الماضي دفعت الصين 260 مليار دولار لاستيراد الرقائق الإلكترونية، وهذا أكثر بنسبة 60% من قيمة ما تنفقه على النفط. في حين يريد القادة الصينيون أن تستحوذ الرقائق الإلكترونية محلية الصنع على 40% من الهواتف الذكية المنتجة محليًا بحلول عام 2025، أي أكثر من أربعة أضعاف المستويات الحالية.

خصصت بكين 150 مليار دولار لتطوير وبناء صناعة أشباه موصلات محلية تابعة لها على مدى العقد المقبل، والتي أحبطتها العقوبات الأمريكية لعرقلة الاستحواذ الصيني على الشركات الأمريكية والجهود المبذولة للحد من الاستثمارات والصادرات لمنع نقل التكنولوجيا. ففي الأسبوع الماضي تراجع الرئيس الأمريكي ترامب عن خطة لوضع قيود صارمة جديدة على صادرات الولايات المتحدة من التكنولوجيا إلى الصين في الوقت الذي يحاول فيه المسؤولون بدء حرب تلوح في الأفق حول التعريفات الجمركية.

يقول مسؤولون تايوانيون إن بكين تستغل قدرتها الضخمة في محاولة لجذب الشركات والمهندسين عبر مضيق تايوان، وفي بعض الأحيان تعرض زيادات في الرواتب تصل إلى خمسة أضعاف، وأحيانًا تغري المهندسين لجلب خطط التصميم معهم.

وجدت دراسة لصحيفة وول ستريت جورنال أن 9 دعاوى قضايا حديثة من أصل 10 متعلقة بالتكنولوجيا في تايوان يزعم المدعون أنها كانت متعلقة بسرقات لشركات في الصين.

وقالت وزارة التكنولوجيا الصينية في تصريحات علنية: “إن تايوان والصين يجب أن تتعاونا في قطاعات التكنولوجيا العالية بما في ذلك أشباه الموصلات”. ومع ذلك لم ترد على طلبات التعليق على القضايا التايوانية”.

اتهم ممثلو الادعاء التايوانيون في ديسمبر / كانون الأول الماضي في قضية موظفًا سابقًا يبلغ 46 عامًا في شركة Nanya Technology رابع أكبر مورد لشرائح الذاكرة في العالم، بسرقة ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية أو تقنية DRAM، أثناء تلقي دورات عبر الإنترنت مقدمة من الشركة. ويقول ممثلو الادعاء إن الرجل استخدم هاتفه الذكي لالتقاط صور لأسرار Nanya  واستخدمها في البحث عن وظيفة مع منتج صيني تدعمه شركة تسينغهوا يونيجروب Tsinghua Unigroup أكبر شركة صينية لصناعة الرقائق في الصين. وردت الشركة على الاتهام الموجه لها قائلة: “إنها لم تستأجر هذا الرجل وأنها لا تعرف شيئًا عن اللقطات أو الأسرار التجارية”.

اتهامات الشركات الصينية بالتجسس ليست جديدة. حيث ينتظر أستاذ صيني المحاكمة في محكمة كاليفورنيا الفيدرالية بزعم سرقة تقنية رقاقة الهاتف الخلوي من شركتين أمريكيتين بين عامي 2006 و 2011. كما شنت شركة TSMC معارك قضائية في كاليفورنيا حول أسرار الملكية الفكرية التي زعمت أنها قد سُرقت من قبل المنافس الصيني وهي الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات SMIC، التي تتخذ من شنغهاي مقرا لها.

يقول المحامون إن القضايا الحالية في تايوان تبدو أكثر عدوانية وتأتي وسط تصاعد الخلاف السياسي بين الصين وتايوان التي انفصلت عن البر الصيني الرئيسي في حرب أهلية منذ سبعة عقود وتعارض مطالبة الصين بالسيادة على الجزيرة. ويأتي سعي بكين للحصول على أسرار أشباه الموصلات كجزء من هدفها الطويل الأمد لإعادة استيعاب تايوان في ظل الحكومة الصينية. ويطلق على أحدث قانون أصدرته الصين في شهر فبراير الماضي اسم 31 Measures ويقدم مجموعة من الحوافز لجذب المزيد من الشركات التايوانية والأشخاص المتعلمين تعليًما عاليًا لدراسة واستثمار وتأسيس الشركات الناشئة في الصين.

وقد وصف نائب رئيس الوزراء التايواني شيه جون-جي هذا القانون بأنه يحمل دوافع سياسية، وقد واجهت قيادة تايوان هذا القانون من خلال زيادة التمويل للباحثين والابتكار في الأعمال. فتصنيع الرقاقات الإلكترونية يدعم الاقتصاد التايواني بشكل كبير جدًا حيث تمثل أشباه الموصلات ما يقرب من خُمس الناتج المحلي الإجمالي لتايوان وهي أكبر صادراتها والتي بلغ مجموعها 92 مليار دولار في العام الماضي.

قال كريستوفر نيومير المحامي المتخصص في الملكية الفكرية في شركة Duane Morris & Selvam: “تحاول الصين جاهدة اللحاق بالركب وإنه مع مرور الوقت سيشكل ذلك تهديدًا خطيرًا لاقتصاد تايوان”.

تُعد TSMC أكبر شركة تصنيع رقائق في العالم من حيث الإيرادات، وتتعامل مع عمالقة التكنولوجيا بما فيهم شركة آبل وإنفيديا وبوردكوم وكوالكوم كما تخدم العديد من شركات الصينية بما في ذلك وحدة HiSilicon الخاصة لشركة هواوي تكنولوجيز.

في عام 2016 استثمرت TSMC ثلاثة مليارات دولار في مصنع للرقائق في نانجينغ بالصين لتقديم دعم أوثق للعملاء وتوسيع فرص أعمالها في الصين، ولكن مصنع نانجينغ خاضع بالكامل لملكية وسيطرة شركة TSMC وأكثر الأسرار التجارية حساسية لا يتولاها إلا أعلى فئة من الموظفين التايوانيين والأكثر ثقة في المجموعة. كما لا يتم تصنيع أكثر أشباه الموصلات تطوراً في نانجينغ.

تخزن شركة TSMC ما يصل إلى 90 % من معلومات إنتاج الرقائق على الخوادم المحلية في الصين، ولكنها تحتفظ بـ 10% من البيانات التي تغطي “تكنولوجيا الإنتاج الأكثر حساسية للرقائق” في تايوان. وسيتم إرسال المعلومات الأكثر حساسية إلى نانجينغ على أساس الحاجة إلى المعرفة، مع عدم إمكانية الوصول إلى المواد بعد استخدامها لمرة واحدة.

حتى الآن تعمل الصين بلا هوادة على تطوير صناعة الرقائق الإلكترونية المحلية لتحل محل الواردات الأجنبية، وتكرس الأموال وتبحث عن المواهب الأجنبية في كل مكان خاصة تايوان التي تعتبر المركز الرئيسي لهذه الصناعة في العالم.

رابط الموضوع من المصدر: الصين تحاول سرقة أسرار تكنولوجيا صناعة أشباه الموصلات من تايوان



from البوابة العربية للأخبار التقنية https://ift.tt/2KIY6TU
via IFTTT

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

جميع الحقوق محفوظة ل الموسوعة الثقافية إقرأ 2021/2014